” الأمان الذي أريد”

حدثني أحدهم أن طالباً مبتعث في أحد البلدان كانت والدته تدعو له بالحفظ والصون وهي دائمة القلق عليه.
وفي أحد الأيام حدث قصف جوي قصف البيوت المجاورة له إلا منزله لم يحصل له شيء!!

قد تكون قلقاً وتفكر كثيراً بالمستقبل ماذا سيجري لك ؟ ماذا سيحدث؟ لا تستبق الأحداث و تضيق على نفسك وتعتقد أن الأمان بيد البشر !!
الأمان يوهب من الله ، و نظن نحن مخطئين أن البشر قادرين على أن يهبونا الأمان وربما يستطيعون أن يمنحونا جزء بسيط من الأمان إلا أن الأمان الكامل بيد الله ..
دعنا نتأمل سويا
* هل نشعر بالأمان في حياتنا ؟
* أم ينقصنا الشعور به ؟
* و كيف لنا أن نعيش بأمان ؟
* ومن الذي يهبنا الأمان ويؤمن مخاوفنا؟

والجواب عن هذه الأربعة
هو في اسم “الله المؤمن”

ومن مقضى الإيمان باسمه المؤمن أنه يؤمن خلقه عز وجل فيقول : ( وماربك بظلام للعبيد) ، إن حدث لك قدراً آلمك فلا تظن ولو للحظة أنه ظلمك لأن ذلك من ظن السوء بالله عزوجل ، المؤمن لا يظلم أحداً أبداً.

ولنعود لمعنى” الله المؤمن ” الجواب على أسئلتنا الأربعة السالفة الذكر.

ورد اسم الله المؤمن في القرآن مرة واحدة:

(هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ)
سورة الحشر ٢٣

والمعنى اللغوي لهذا الاسم يشمل لفظان :
الأول المصدق : قال الزجاج ( أصل الإيمان التصديق)
وأما الثاني فهو الأمان .

والمعنى الاصطلاحي في حق الله جاء في تفسير السعدي وهو ” المؤمن الذي أثنى على نفسه بصفات الكمال وبكمال الجلال والجمال الذي أرسل رسله وأنزل كتبه بالآيات والبراهين وصدق رسله بكل آية وبرهان ويدل على صدقهم وصحة ماجاءوا به”.

ولنبدأ بمعنى المصدق يقول العلماء : المصدّق لرسله بإظهار معجزاته عليهم، ومصدق المؤمنين ما وعدهم به من الثواب، ومصدق الكافرين ما أوعدهم من العقاب.

فهو عزوجل الذي صدَق رسله حينما أرسلهم لأقوامهم ، لذا تأكد أنه هو الذي يصدقك حين يكذبك الناس بأن يظهر الحقيقة ولو بعد حين .
وعندما تمر في آيات القرآن ستجد وعود كثيرة من الله لعباده ومن عبوديتك لاسم الله المؤمن تجعلك تثق بصدق وعوده ولا تيأس أبداً
على سبيل المثال : قال تعالى: ( إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) آل عمران ٣٧
هذا وعد من الله أنه يرزق من يشاء من عباده ولمن كان في ضائقة مالية شديدة .
و أقول لا تجزع ولا تيأس إن كنت متيقناً بأنه سيرزقك ويخرجك من ضيقك بقدرته فهو لا يعجزه شيء فهذا من تصديقك من وعوده جل في علاه.

وورد عن ابن عباس :” المؤمن؛ أي أمٓن خلقه من أن يظلمهم”
فكيف نظن ولو للحظة أن الله يظلم أحد من عباده فهذا من ظن السوء بالله عزوجل فالمؤمن أمّن عباده من الظلم .

المعنى الثاني: من الأمان – وهذا ما ذكرته في أول المقال عن المؤمن- :
فهو سبحانه يهب عباده المؤمنين الأمن والطمأنينة في الدنيا والأنس الذي يجدونه في قلوبهم بفعل الإيمان به سبحانه.
وهو “المؤمن” الذي يعطي الأمان لعباده من أن يظلمهم فلا يقع في قلبك ولو للحظة أن الله قد ظلمك لأنه نفى الظلم عن نفسه وأمن عباده منه.

أخيرا كيف تتعبد الله باسمه المؤمن كلما أتاك رنين صفارة الخوف في قلبك ؟؟
تتعبده بأن تستحضرفي ذهنك أن الله المؤمن هو من سيكفيك هذا الأمر ، وأنه لن يضيعك، وأنه لا يظلمك في أقدار حياتك، فهي كلها خير ، ثم تأمل آيات السكينة فإن لها تأثيرا عجيبا على كل خائف ومضطرب ، وأوقف الاسترسال مع نفسك في شعور الخوف والاضطراب ثم ردد يا مؤمن هبني الأمان.

قد تكون مقبلاً على حياة جديدة أو عمل جديد أو علاج لمرضك وفيك من الخوف والاضطراب والقلق
ما الله به عليم .

هنا أقول لك عش مع اسم الله المؤمن وادع الله المؤمن فسترتاح نفسك وتهدأ وسيزول خوفك.

لماذا يقلقك تسلط حاقد أو حاسد؟ لماذا تخاف من مرض موجع أو من غيب تجهله ؟؟
حلت عليك كربة أو مصيبة تقض مضجعك وتشعر بالخوف الشديد الجأ لله المؤمن.
كن مع الله المؤمن وأسعد بعطية وهي الأمان.
ارفع يدك واطلب من المؤمن أن يؤمن قلبك .
عاهد نفسك أن تتعبد الله به .
تأمله كثيرا في حياتك .
وذكر من حولك به،
علمه أبنائك،
ستجد له تأثيراً عظيما
وستتمنى لو أنك عرفته وعملت به منذ زمن طويل.

ختاما أسأل الله أن يوفقنا لعبادته باسمه المؤمن
و أرجو أن نتشارك في ذكر مواقف في حياتكم يتضح فيها ليستفيد الجميع.